موضوعنا اليوم عن مصدر الوحى القرآنى والسؤال هل أقتبس القرآن الكريم من أشعار الجاهليه؟فمن الشبهات الساذجه أدعاء أقتباس القرآن الكريم من بعض أشعار العصر الجاهلى..وقبل أن نعرض امثله لتلك الأقاويل البلهاء، ساقول أمرا واحدا ينسف تلك الشبهات تماماوهو ان أي إنسان يريد أن يتحدى الآخرين فينبغي أن يكون أقوى منهم ولا يقلدهم او ياتى بمثل ماسبق واتوا به قبله..والقرآن الكريم كان تحديا فعلياومعجزه حيه لان الأسلوب القرآنى لم يعرفه العرب وهم اساطين اللغه من قبل وكان جديدا على مسامعهم تماما..

وقد ادعى المشركون أن الرسول صلى الله عليه وسلم هو من تقوّل القرآن، أجابهم الله تعالى: (فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ)[الطور: 34].
وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَىٰ عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (23)
لاحظوا أنهم أدعوا ان الرسول صلى الله عليه وسلم هو من تقول القرآن ولم يدعوا أنه نقله من اشعار السابقين ثم عجزوا ان ياتوا بسوره مثله..
ولدينا ابرز الشهادات هنا وهى شهادة الوليد بن المغيرة فقد شهد على نفسه وقومه من قبل بأن القرآن الكريم ليس من جنس شعر العرب، فضلاً عن أن يكون مقتبسا منه، قال الوليد: “والله ما فيكم رجل أعلم بالأشعار مني، ولا أعلم برجز ولا بقصيدة مني، ولا بأشعار الجن، والله ما يشبه الذي يقول شيئا من هذا”، وإذا كان كذلك علم أن الأبيات السابقة مكذوبة لا محالة.

وأيضا كان كفار قريش أعلم الناس بأشعار العرب، وأحفظهم لها وقد كانوا مع ذلك أحرص الناس على الطعن فى النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه ما هو إلا ساحر أو كاهن أو شاعر، ومع ذلك كله لم يقل له أحد منهم: إن ما جئت به يشبه شعر اى شاعر جاهلى فضلاً عن أن يقول له: إن ما جئت به مقتبس من شعر من سبق، وإذا كانوا قد ادعوا أن النبي صلى الله عليه وسلم شاعر، ورد الله تعالى عليهم بقوله: {وما هو بقول شاعر قليلا ما تؤمنون} فلم يستطيعوا تكذيب كلام الله تعالى، ولم يقدروا على أن يأتوا بدليل على كلامهم إلا التهويش والتكذيب،
✖️ومن أول الأمثله الساذجه التى ساعرضها:

أدعاءأن القرآن الكريم قدنقل من اشعارأمرىءالقيس

قد استدل الطاعنون بما كتبه المناوي في كتابه “فيض القدير شرح الجامع الصغير” [2/187]، حيث قال ما نصه: “وقد تكلم امرؤ القيس بالقرآن قبل أن ينزل، فقال:
♕يتمنى المرء في الصيف الشتاء حتى إذا جاء الشتاء أنكره
فهو لا يرضى بحال واحد قتل الإنسان ما أكفره

وقال:
♕اقتربت الساعة وانشق القمر من غزال صاد قلبي ونفر

وقال: ♕إذا زلزلت الأرض زلزالها وأخرجت الأرض أثقالها
تقوم الأنام على رسلها ليوم الحساب ترى حالها يحاسبها
ملك عادل فإما عليها وإما لها

وقد أورد بعضهم شيئا من الأبيات السابقة بألفاظ مختلفة، فقال بعضهم: إن امرأ القيس قال:
دنت الساعة وانشق القمر غزال صاد قلبي ونفر
مر يوم العيد بي في زينة فرماني فتعاطى فعقر
بسهام من لحاظ فاتك فر عني كهشيم المحتظر

وقد جاء في القرآن الكريم قوله تعالى: {قتل الإنسان ما أكفره} وقوله تعالى: {اقتربت الساعة وانشق القمر} وقوله تعالى: {إذا زلزلت الأرض زلزالها * وأخرجت الأرض أثقالها} وقوله تعالى: {إنا أرسلنا عليهم صيحة واحدة فكانوا كهشيم المحتظر} وقوله تعالى: {فنادوا صاحبهم فتعاطى فعقر} وقوله تعالى: {بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر}.

والردبمنتهى البساطه:

أن الجاهل الذى يردد تلك الشبهات كالبغبغاء لم يكلف نفسه من الأساس ويفتح ديوان شعر أمرىء القيس ولم يعرف او يسمع من يكون هذا الشاعر نفسه فقط يكتفى بأن ينقل مايقال له ان القرآن الكريم منقول من كذا فيهز راسه كالاحمق ويردد ورائهم..
يكفى أن نقول أنه لا توجد هذه الأبيات في ديوان امرئ القيس، على اختلاف طبعاته، ونسخه ورواياته، ولو كانت إحدى الأبيات السابقة صحيحة النسبة إليه أو حتى كاذبة لذكرت في إحدى دواوينه.
ونقول أيضا ليست أشعار امرىء القيس وحده بل أن هذه الأبيات المفبركه ليس لها وجود في كتب اللغة والأدب وأن بحثنا في عشرات من كتب البلاغة والأدب واللغة والشعر المتقدمة، ولم يذكر أحد شيئا من الأبيات السابقة أو جزءاً منها.
حتى الساذج الذى قد قام بتاليف تلك الشبهه قد تناسي شيء هام
فأن نظرنا إلى تلك الأبيات المفبركه
♕اقتربت الساعة وانشق القمر من غزال صاد قلبي ونفر

الساعةهى يوم القيامة والعرب فى الجاهليه لم يكونوا يؤمنون بهذا اليوم فضلا عن أن يذكروه في أشعارهم أو يضعوه في قصائدهم، واما ظاهرة انشقاق القمر فلم تحدث في عهد هذا الشاعر أبدًا،بل انشق على عهد النبي صلى الله عليه وسلم
فكيف يقولون بأن أمرىء القيس قد قال هذا والقرآن قد نقله منه
المؤسف أنه هناك سذاج يصدقون

لننتقل إلى مثال اخر من تلك الأفتراءات وهو:

أدعاءأن القرآن أقتبس من اشعارأميه بن أبى الصلت

الشبهه رددها رشيد الضال وتناقلها عنه اتباعه من السذج.
لنقرأ تلك الأبيات ونحكم بانفسنا
وآخرون على الأعراف قد طمعوا

  • بجنةٍ حفّها الرُّمّان والخُضَرُ
    يُسْقَوْن فيها بكأسٍ لذةٍ أُنُفٍ * صفراء لا ثرقبٌ فيها ولا سَكَرُ

مِزاجها سلسبيلُ ماؤها غَدِقٌ * عذب المذاقة لا مِلْحٌ ولا كدرُ
وليس ذو العلم بالتقوى كجاهلها * ولا البصير كأعمى ما له بَصَرُ

فاسْتَخْبِرِ الناسَ عما أنت جاهلهُ * إذا عَمِيتَ، فقد يجلو العمى الخبرُ
كأَيِّنْ خلتْ فيهمو من أمّةٍ ظَلَمَتْ

  • قد كان جاءهمو من قبلهم نُذُرُ
    فصدِّقوا بلقاء الله ربِّكمو * ولا يصُدَّنَّكم عن ذكره البَطَرُ
  • قال: ربى، إنى دعوتك فى الفـــــــــــــــــجر، فاصْلِحْ علىَّ اعتمالى

إننى زاردُ الحديد على الناس دروعًا سوابغ الأذيالِ

حقيقة لا اعلم أى آله كان يصلى له اميه ويدعو له فى الفجر وأى جنه واى نار كان يتحدث عنها فقد كنا نتحدث منذ، قليل عن أن عرب الجاهليه لم يؤمنوا باليوم الأخر من أساسه

وكل هذا لم يعرفوه ألا باتباع رساله الاسلام فهل كان بن أبى الصلت هذا مسلما مثلا ليقول هذا الكلام؟ بالطبع كلام لايعقل ان يكون منسوبا لشاعر جاهلى ابدا.
فاقصى درجات الغباء أن أتى بشعرا فيه تعبد لله ومناجاه وأنسبه لشاعر لم يعرف طريق الله من الأساس وكانه يتحدث عن العبادات فى الأسلام قبل ظهور الأسلام نفسه.

أن امية بن أبى الصلت وغيره من فطاحل الشعراء قد نحلت عليهم العديد من القصائد فضلا عن الأبيات وقد قال الْأَخْفَش : قَالَ خلف الْأَحْمَر: ” أَنا وضعت على النَّابِغَة القصيدة الَّتِي مِنْهَا :
خيل صيامٌ وخيلٌ غير صائمةٍ … تَحت العجاج وَأُخْرَى تعلك اللُّجما
وَقَالَ أَبُو الطّيب اللّغويّ : ” كَانَ خلف الْأَحْمَر يصنع الشّعْر وينسبه إِلَى الْعَرَب فَلَا يعرف، ثمَّ نسك وَكَانَ يخْتم الْقُرْآن كلّ يَوْم وَلَيْلَة
المصدر // الوافي بالوفيات ” (13/ 220) .
فلا نستبعد أن يكون بعض الكذابين قد ألف أبياتا من الشعر اقتبسها من القرآن الكريم ثم نسبها إلى هذا الشاعر.
ومن الأدله على نحل الشعر
أنه قد عرف عن حماد الراوية و خلف الأحمر أنهم كانوا يكتبون الشعر ثم ينسبوه إلى من سبقهم من كبار الشعراء، وقد ذكر ابن عبد ربه -هو من المتقدمين توفي سنة 328 هـ – في كتابه “العقد الفريد”في باب عقده لرواة الشعر، قال: “وكان خَلف الأحمر أَروى الناس للشِّعر وأعلَمهم بجيّده…وكان خلف مع روايته وحِفظه يقول الشعر فيُحسن، وينَحله الشعراء، ويقال إن الشعر المَنسوب إلى ابن أخت تأبّط شَرّاً وهو:
إنَّ بالشِّعب الذي دون سَلْع لقتيلاً دَمُه ما يُطَلُّ
لخلَف الأحمر، وإنه نَحله إياه، وكذلك كان يفعل حمّاد الرواية، يَخلط الشعر القديم بأبيات له، قال حماد:( ما مِن شاعر إلا قد زِدْتُ في شعره أبياتاً فجازت عليه إلا الأعشى)، أعشى بكر، فإني لم أزد في شعره قطُّ غيرَ بيت فأفسدتُ عليه الشعر، قيل له: وما البيتُ الذي أدخلته في شعر الأعشى؟ فقال:

أنكرتْني وما كان الذي نَكِرتْ من الحوادث إلا الشَّيبَوالصلعَا”
المصدر //[العقد الفريد821].
وأدله وكتابات اخرى كثيره حول نفس المضمون لن اوردها الأن منعا للأطاله
وتعقيب اخير لكل صاحب عقل العرب كانوا يانفون السرقة الادبية بل و لا يحترمون فاعلها فكيف اسلم كل هؤلاء و لم يقل احدا منهم للنبي صلى الله عليه وسلم : انت تاخذ من شعر امرئ القيس او ابن ابى الصلت .

و قد انكر السرقة الادبية شاعر الانصار حسان بن ثابت رضي الله عنه فقد قال في ديوانه :
((إنّي أُكارِمُ مَنْ يُكَارِمُني ** وَعلى المُكاشِحِ ينْتحي ظُفرِيلا أسْرِقُ الشُّعَرَاءَ ما نَطَقُوا ** بَلْ لا يُوَافِقُ شِعْرَهُمْ شِعْري
إنّي أبَى لي ذَلِكُمْ حَسَبي ** ومقالةٌ كمقاطعِ الصخرِ))

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *